ضحايا الشائعات2
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ضحايا الشائعات2
وأمّا الصّفات المدمّرة فهي:
- قيل وقال وكثرة سؤال.
- حديث كاذب وخصومة فاجرة.
- طبع فاسد ولسان حاصد.
و المحصّلة النّهائية من حصائد الألسنة (في القرآن والسنّة كما في الأخلاق والآداب والرّواية بإجماع الأمّة) هي أنّ اللّسان نصف الإنسان، وأنّ الأقوال نصف الأعمال: " ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين" قول حسن باللّسان وفعل صالح بالأركان، بعد إيمان صادق بالجنان.
ولعلّ هذا المعنى القرآني الجليل هو السّبيل الّذي يترجم جزءا من التّحدي الواعد الّذي رفعه الرّسول صلى الله عليه وسلّم عندما قال لأصحابه، ولنا نحن من بعدهم : " من يضمن لي ما بين لحييه(لسانه) وما بين فخذيه(فرجه) أضمن له الجنّة" وبهذا تفهم معنى " أمسك عليك لسانك.." وتدرك مخاطر اللّسان وعواقب الكلام السّائب..، وقد عبّر عن ذلك المعنى حكيم الجاهلية زهير بن أبي سلمة:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * * * فلم يبق إلاّ صورة اللّحم والدّم
3.حكم بالسّجن المؤبّد: السّجن معناه حبس المجرم وحرمانه من حقوقه الأساسيّة ووضعه في حيّز محدود بعيدا عن النّاس عقوبة له عمّا اقترفه في حقّ نفسه وفي حقّ المجتمع، والجريمة عادة ما يكون أوّلها كلاما، لذلك فسجن اللّسان أولى من سجن الإنسان لأنّه" المجرم" الحقيقي الذي أهلك الحرث والنّسل، ولا شيء أحقّ بطول سجن من اللّسان، ولو كنت قادرا أن أغيّر القوانين لاقترحت قانونا يقطع ألسنة المتحدّثين بالسّوء بعدما أقسّم النّاس وفق ما يتحدّثون به إلى أربعة أقسام لا خامس لها:
- قسم الحكماء والدّعاة والمربّين.. الّذين إذا تكلّموا نفعوا وإذا سكتوا وعظوا، وهؤلاء هم المحسنون.
- قسم الصّامتين الّذين يعظون النّاس بطول الصّمت فإذا نطقوا برُّوا المتحدّثين، وهؤلاء هم النّاجون.
- وقسم الثّرثارين الّذين إذا نطقوا فجروا وإذا سكتوا همزوا ولمزوا، وهؤلاء هم حثالة النّاس.
- وقسم الكذّابين الّذين إذا لم يجدوا من يكذبون عليه كذبوا على أنفسهم، وهؤلاء هم أراذل القوم.
وسوف لن تجد البشريّة عنتا كبيرا في الحكم على القسمين الأوّل والثّاني بتبوّإ الصّفوف وتربية الأجيال وتصدّر المجالس.. أمّا القسمان الثّالث والرّابع فإنّه لا مكان لهما إلا ّفي " صقر وما أدراك ما صقر لا تبقي ولا تذر".
والغريب أنّ عدد الحكماء قليل، وأقلّ منهم الصّامتون، وما أكثر الثّرثارين في زماننا، أمّا الكذّابون فقد راجت أسواق بضاعتهم في أيّامنا هذه وساعدت الصّحف السيّارة وصحف الإثارة على التّرويج لهذه البضاعة رغم كسادها في السّوق الإسلاميّة، فصار الحقّ متّهما والباطل ضحيّة، وصار الصّدق تهمة يعاقب صاحبها بالحرمان من الشّهادة ضدّ الفساد لأنّه منع نفسه من غشيان مجالس " كلّ حلاّف مهين همّاز مشّاء بنميم.." ولم يعد في زماننا مكان في صدارة المجالس إلاّ لثلاث:
- صاحب مال وثروة يهرف بما لا يعرف والنّاس من حوله على رؤوسهم الطّير.
- وصاحب جاه وحظوة يشدّ النّاس إليه الرّحال ويتسقّطون منه الغمزة و يتصيّدون الإماءة.
- وصاحب سلطان وسطوة يردّد على الملإ مقاله:" ما أريكم إلاّ ما أرى".
وبين مجالس الثّلاثة ضاعت القيم وانهارت المبادئ وساد القوم أخبار هاروت وماروت اللّذين ما زالا يعلّمان النّاس السّحر و " ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان" فتشيع الفاحشة في الّذين آمنوا ولا علاج إلاّ أن يصدر الضّمير الإنسانيّ في حقّ الثّرثارين والكذّابين حكمين صارمين:
- حكم على اللّسان الثّرثار بالسّجن المؤبّد.
- وحكم بتحريم كلّ أشكال " الكولسات" لأنّها نجوى، والنّجوى من الشّيطان
فإذا تمّ إنفاذ هذين الحكمين استراح المجتمع من جرائم طول اللّسان ومن الجنح الجارحة للكرامة الّتي يرتكبها أصحابها في خلواتهم عندما لا يستطيعون مواجهة المجتمع ولا يقدرون على زرع بذورهم في نور الشمس فيختفون وراء أوهام: " ليوسف أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة" ويبنون على هذا الوهم خطّة " تدمير" أعظم مؤسّسة وهي الأسرة ثم- من ورائها - البشرّية كلّها بدءا بالاحتيال على ربّ الأسرة (أبيهم) ليسلّمهم فلذّة كبده " يرتع ويلعب" ومن حيلة أخذ" البراءة" من أحضانها الدّافئة إلى رميه في عمق البئر إلى اتّهام والدهم بالضّلال المبين والضّلال القديم، وغمز أخيهم بالسّرقة "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل"..إلخ.
وعندما حزّبتهم الخطوب، اكتشفوا أنّ الكذب على الذّئب وتعفير القميص بدم كذب و " الإجماع" على أن يرموا أخاهم في غيابات الجبّ...كلّها أساليب دنيئة لا تصمد كثيرا أمام زحف المجاعة (الرّوحية ، والفكريّة، والماديّة) الّتي اضطرّتهم إلى شدّ الرّحال إلى من تآمروا عليه ذات يوم وكذبوا عليه وعلى والده وخدعوه وهو نظيف السّريرة سليم الصّدر..ثم تلوك أفواههم سيرته وتستخفّ بمشاعر الوالد المفجوع، ويا ليت هذه " العنتريات" دامت وصمدت أمام زحف السّنوات العجاف، إذ سرعان ما دارت عليهم الدّوائر و انهارت معنويّاتهم وظهر عوارهم وانكسرت عنجهيّاتهم وقالوا بلسان حقير:" جئناك ببضاعة مزجاة" وطلبوا الصّدقة:" وتصدّق علينا"..بل صار أخوهم اليوم في عيونهم عظيماـ بعد أن هان عليهم بالأمس فرموه في البئر، وهاهم اليوم يجلّونه ويستعطفونه ـ و يقولون بلسان منكسر ذليل:" يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّر..".
وما أقلّ حياء أصحاب الأسنة الطّويلة؟؟
إنّ ما أريد الوصول إليه هو درسان بليغان:
- الأوّل: أنّ الكلام رصاص قاتل يصدر عن شرار النّاس ضدّ من هم من الأخيار ولو كانوا محسنين، وانظر إلى ما تلفظّ به بعض إخوة يوسف في حقّ أخيهم وهو الّذي وفىّ لهم الكيل وتصدّق عليهم وأكرم مثواهم وردّ إليهم بضاعتهم وأحسن إليهم..ومع ذلك قالوا:" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل" وهم كاذبون و" مهندسون" للكذب ضدّ من هو صاحب الفضل عليهم، والعلاج القرآني هو أن تكتم ما بدخيلة نفسك:"فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم"، هكذا فعل يوسف عليه السّلام واكتفى بأن يردّد في أعماق نفسه الكاظمة لغيض ما يصدر من إخوته:"أنتم شرّ مكانا والله أعلم بما تصفون".
- الثّاني: إذا كانت الرّصاصة الفالتة تصيب نفرا أو نفرين فإنّ الكلام الفالت يصيب الكرامة والخلق والشّرف والنّفس والضّمير..بل يصيب كل ّما هو جميل ويشجّع مرضى القلوب على أن يتحدّثوا بالسّوء في الأطهار والأشراف ويوجّهون إليهم التّهم الجزافيّة الّتي قد تقضي على حاضر النّاس ومستقبلهم، وتأمّل ما أشاعته نسوة في المدينة عندما روّجن بألسنتهنّ " دعاية" لا أساس لها من الصّحّة تطعن في شرف من شهدت له صاحبة الدّعاية نفسها- أمام نسوة المدينة- معترفة أنّه ليس بشرًا بل هو ملك كريم بعد أن راودته عن نفسه فاستعصم بالله، ومع ذلك شاعت الدّعاية وانتشرت ولاكتها الألسن:" وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نّفسه قد شغفها حبّا إنّا لنراها في ضلال مبين".
- و ما أجمل أن نتّعظ بسير الأوّلين، والأجمل منه أن نتخلّق بأخلاق القرآن الكريم فنمسك ألسنتنا عن قالة السّوء ونربأ بأنفسنا أن نتحوّل إلى أشباه " نسوة في المدينة"..
الخلاصة:لقد قضى يوسف عليه السّلام سنوات عديدة- قيل 07 وقيل09سنوات- في السّجن بتهمة باطلة روّجت لها " نسوة في المدينة" وتلقّفها الرّأي العام بوسائط إعلاميّة متطوّعة لنقل أخبار السّوء مجّانا، ولم تشفع له نبوّة أبيه ولا مستقبله النّبوي بعد أن يحصحص الحقّ، ولذلك رفض مغادرة السّجن قبل أن تظهر براءته وتشيع أخبار ردّ الاعتبار في النّاس عندما يسأل العزيز النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ..وهكذا..فكيف ـ والحال هذه – أن يتبرّم شخص آخر، مهما كانت مكانته ومنزلته، إذا رمته الشّائعات بأبشع من كلمة:" ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه"؟ وكيف يحزن كائن بشريّ على ما يقال فيه وهو يدرك أنّ " كلام النّاس" قد استهدف الأنبياء والمرسلين والشّهداء والصدّيقين..وكلّ من أنعم الله عليهم.
إنّ عزاء ضحايا الشّائعات يكمن في تجسيد حكمة تقول:" كونوا كالشّجر يرميه النّاس بالحجر فيرميهم بأطيب الثّمر".
والله المستعان
- قيل وقال وكثرة سؤال.
- حديث كاذب وخصومة فاجرة.
- طبع فاسد ولسان حاصد.
و المحصّلة النّهائية من حصائد الألسنة (في القرآن والسنّة كما في الأخلاق والآداب والرّواية بإجماع الأمّة) هي أنّ اللّسان نصف الإنسان، وأنّ الأقوال نصف الأعمال: " ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين" قول حسن باللّسان وفعل صالح بالأركان، بعد إيمان صادق بالجنان.
ولعلّ هذا المعنى القرآني الجليل هو السّبيل الّذي يترجم جزءا من التّحدي الواعد الّذي رفعه الرّسول صلى الله عليه وسلّم عندما قال لأصحابه، ولنا نحن من بعدهم : " من يضمن لي ما بين لحييه(لسانه) وما بين فخذيه(فرجه) أضمن له الجنّة" وبهذا تفهم معنى " أمسك عليك لسانك.." وتدرك مخاطر اللّسان وعواقب الكلام السّائب..، وقد عبّر عن ذلك المعنى حكيم الجاهلية زهير بن أبي سلمة:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * * * فلم يبق إلاّ صورة اللّحم والدّم
3.حكم بالسّجن المؤبّد: السّجن معناه حبس المجرم وحرمانه من حقوقه الأساسيّة ووضعه في حيّز محدود بعيدا عن النّاس عقوبة له عمّا اقترفه في حقّ نفسه وفي حقّ المجتمع، والجريمة عادة ما يكون أوّلها كلاما، لذلك فسجن اللّسان أولى من سجن الإنسان لأنّه" المجرم" الحقيقي الذي أهلك الحرث والنّسل، ولا شيء أحقّ بطول سجن من اللّسان، ولو كنت قادرا أن أغيّر القوانين لاقترحت قانونا يقطع ألسنة المتحدّثين بالسّوء بعدما أقسّم النّاس وفق ما يتحدّثون به إلى أربعة أقسام لا خامس لها:
- قسم الحكماء والدّعاة والمربّين.. الّذين إذا تكلّموا نفعوا وإذا سكتوا وعظوا، وهؤلاء هم المحسنون.
- قسم الصّامتين الّذين يعظون النّاس بطول الصّمت فإذا نطقوا برُّوا المتحدّثين، وهؤلاء هم النّاجون.
- وقسم الثّرثارين الّذين إذا نطقوا فجروا وإذا سكتوا همزوا ولمزوا، وهؤلاء هم حثالة النّاس.
- وقسم الكذّابين الّذين إذا لم يجدوا من يكذبون عليه كذبوا على أنفسهم، وهؤلاء هم أراذل القوم.
وسوف لن تجد البشريّة عنتا كبيرا في الحكم على القسمين الأوّل والثّاني بتبوّإ الصّفوف وتربية الأجيال وتصدّر المجالس.. أمّا القسمان الثّالث والرّابع فإنّه لا مكان لهما إلا ّفي " صقر وما أدراك ما صقر لا تبقي ولا تذر".
والغريب أنّ عدد الحكماء قليل، وأقلّ منهم الصّامتون، وما أكثر الثّرثارين في زماننا، أمّا الكذّابون فقد راجت أسواق بضاعتهم في أيّامنا هذه وساعدت الصّحف السيّارة وصحف الإثارة على التّرويج لهذه البضاعة رغم كسادها في السّوق الإسلاميّة، فصار الحقّ متّهما والباطل ضحيّة، وصار الصّدق تهمة يعاقب صاحبها بالحرمان من الشّهادة ضدّ الفساد لأنّه منع نفسه من غشيان مجالس " كلّ حلاّف مهين همّاز مشّاء بنميم.." ولم يعد في زماننا مكان في صدارة المجالس إلاّ لثلاث:
- صاحب مال وثروة يهرف بما لا يعرف والنّاس من حوله على رؤوسهم الطّير.
- وصاحب جاه وحظوة يشدّ النّاس إليه الرّحال ويتسقّطون منه الغمزة و يتصيّدون الإماءة.
- وصاحب سلطان وسطوة يردّد على الملإ مقاله:" ما أريكم إلاّ ما أرى".
وبين مجالس الثّلاثة ضاعت القيم وانهارت المبادئ وساد القوم أخبار هاروت وماروت اللّذين ما زالا يعلّمان النّاس السّحر و " ما تتلوا الشّياطين على ملك سليمان" فتشيع الفاحشة في الّذين آمنوا ولا علاج إلاّ أن يصدر الضّمير الإنسانيّ في حقّ الثّرثارين والكذّابين حكمين صارمين:
- حكم على اللّسان الثّرثار بالسّجن المؤبّد.
- وحكم بتحريم كلّ أشكال " الكولسات" لأنّها نجوى، والنّجوى من الشّيطان
فإذا تمّ إنفاذ هذين الحكمين استراح المجتمع من جرائم طول اللّسان ومن الجنح الجارحة للكرامة الّتي يرتكبها أصحابها في خلواتهم عندما لا يستطيعون مواجهة المجتمع ولا يقدرون على زرع بذورهم في نور الشمس فيختفون وراء أوهام: " ليوسف أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة" ويبنون على هذا الوهم خطّة " تدمير" أعظم مؤسّسة وهي الأسرة ثم- من ورائها - البشرّية كلّها بدءا بالاحتيال على ربّ الأسرة (أبيهم) ليسلّمهم فلذّة كبده " يرتع ويلعب" ومن حيلة أخذ" البراءة" من أحضانها الدّافئة إلى رميه في عمق البئر إلى اتّهام والدهم بالضّلال المبين والضّلال القديم، وغمز أخيهم بالسّرقة "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل"..إلخ.
وعندما حزّبتهم الخطوب، اكتشفوا أنّ الكذب على الذّئب وتعفير القميص بدم كذب و " الإجماع" على أن يرموا أخاهم في غيابات الجبّ...كلّها أساليب دنيئة لا تصمد كثيرا أمام زحف المجاعة (الرّوحية ، والفكريّة، والماديّة) الّتي اضطرّتهم إلى شدّ الرّحال إلى من تآمروا عليه ذات يوم وكذبوا عليه وعلى والده وخدعوه وهو نظيف السّريرة سليم الصّدر..ثم تلوك أفواههم سيرته وتستخفّ بمشاعر الوالد المفجوع، ويا ليت هذه " العنتريات" دامت وصمدت أمام زحف السّنوات العجاف، إذ سرعان ما دارت عليهم الدّوائر و انهارت معنويّاتهم وظهر عوارهم وانكسرت عنجهيّاتهم وقالوا بلسان حقير:" جئناك ببضاعة مزجاة" وطلبوا الصّدقة:" وتصدّق علينا"..بل صار أخوهم اليوم في عيونهم عظيماـ بعد أن هان عليهم بالأمس فرموه في البئر، وهاهم اليوم يجلّونه ويستعطفونه ـ و يقولون بلسان منكسر ذليل:" يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّر..".
وما أقلّ حياء أصحاب الأسنة الطّويلة؟؟
إنّ ما أريد الوصول إليه هو درسان بليغان:
- الأوّل: أنّ الكلام رصاص قاتل يصدر عن شرار النّاس ضدّ من هم من الأخيار ولو كانوا محسنين، وانظر إلى ما تلفظّ به بعض إخوة يوسف في حقّ أخيهم وهو الّذي وفىّ لهم الكيل وتصدّق عليهم وأكرم مثواهم وردّ إليهم بضاعتهم وأحسن إليهم..ومع ذلك قالوا:" إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل" وهم كاذبون و" مهندسون" للكذب ضدّ من هو صاحب الفضل عليهم، والعلاج القرآني هو أن تكتم ما بدخيلة نفسك:"فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم"، هكذا فعل يوسف عليه السّلام واكتفى بأن يردّد في أعماق نفسه الكاظمة لغيض ما يصدر من إخوته:"أنتم شرّ مكانا والله أعلم بما تصفون".
- الثّاني: إذا كانت الرّصاصة الفالتة تصيب نفرا أو نفرين فإنّ الكلام الفالت يصيب الكرامة والخلق والشّرف والنّفس والضّمير..بل يصيب كل ّما هو جميل ويشجّع مرضى القلوب على أن يتحدّثوا بالسّوء في الأطهار والأشراف ويوجّهون إليهم التّهم الجزافيّة الّتي قد تقضي على حاضر النّاس ومستقبلهم، وتأمّل ما أشاعته نسوة في المدينة عندما روّجن بألسنتهنّ " دعاية" لا أساس لها من الصّحّة تطعن في شرف من شهدت له صاحبة الدّعاية نفسها- أمام نسوة المدينة- معترفة أنّه ليس بشرًا بل هو ملك كريم بعد أن راودته عن نفسه فاستعصم بالله، ومع ذلك شاعت الدّعاية وانتشرت ولاكتها الألسن:" وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نّفسه قد شغفها حبّا إنّا لنراها في ضلال مبين".
- و ما أجمل أن نتّعظ بسير الأوّلين، والأجمل منه أن نتخلّق بأخلاق القرآن الكريم فنمسك ألسنتنا عن قالة السّوء ونربأ بأنفسنا أن نتحوّل إلى أشباه " نسوة في المدينة"..
الخلاصة:لقد قضى يوسف عليه السّلام سنوات عديدة- قيل 07 وقيل09سنوات- في السّجن بتهمة باطلة روّجت لها " نسوة في المدينة" وتلقّفها الرّأي العام بوسائط إعلاميّة متطوّعة لنقل أخبار السّوء مجّانا، ولم تشفع له نبوّة أبيه ولا مستقبله النّبوي بعد أن يحصحص الحقّ، ولذلك رفض مغادرة السّجن قبل أن تظهر براءته وتشيع أخبار ردّ الاعتبار في النّاس عندما يسأل العزيز النّسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ..وهكذا..فكيف ـ والحال هذه – أن يتبرّم شخص آخر، مهما كانت مكانته ومنزلته، إذا رمته الشّائعات بأبشع من كلمة:" ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه"؟ وكيف يحزن كائن بشريّ على ما يقال فيه وهو يدرك أنّ " كلام النّاس" قد استهدف الأنبياء والمرسلين والشّهداء والصدّيقين..وكلّ من أنعم الله عليهم.
إنّ عزاء ضحايا الشّائعات يكمن في تجسيد حكمة تقول:" كونوا كالشّجر يرميه النّاس بالحجر فيرميهم بأطيب الثّمر".
والله المستعان
ibn elkassem- عدد المساهمات : 114
تاريخ التسجيل : 25/02/2009
رد: ضحايا الشائعات2
كونوا كالشّجر يرميه النّاس بالحجر فيرميهم بأطيب الثّمر".
,و لله المشتكى . حسبنا الله و نعم الوكيل.
بارك الله فيكم.
,و لله المشتكى . حسبنا الله و نعم الوكيل.
بارك الله فيكم.
عاشقة الجنة- عدد المساهمات : 273
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى