– مجاهدة النفوس
صفحة 1 من اصل 1
– مجاهدة النفوس
5 – مجاهدة النفوس
من أجل صحة الأعمال ليتقبلها الله تعالى , ثم يجعل الجزاء العميم عليها في الآخرة , تدوم مجاهدة النفوس , فلا يضع الصالحون في أذهانهم وهم يعملون إلا أمر الآخرة , يقول تعالي : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) السجدة 17 .
ومجاهدة النفوس تعني تحقيق شروط صحة الأعمال وهي :
أولا : أن يكون العمل صادقا
وذلك بتخطي العقبة الكئود , فما بعدها أيسر , ألا وهي النفس , يقول الله تعالي : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وبالانتصار على النفس تبدأ المجاهدة .
ثانيا : الجزاء الحقيقي قبول العمل
ثم يعمل الانسان لمحض العبودية , فأعظم الجزاء على الأعمال أن يتقبلها الله , فإلى جانب عيوب النفس التي لا تتناهى فإن الله تعالى يقبل منا العمل , يقول تعالى : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ) ولم يقل الله تعالى : ( نتقبل منهم ) أي بمعني نتجاوز عنهم فنتقبل أحسن ما عملوا على عيبها وآفاتها وعللها .
ثالثا : الايمان بأن الفضل من الله
فالكل فعله وعطاؤه تعالى : ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )
ويقول تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم علي بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا )
فكل الأمور تسير بفضله وجوده وكرمه , ولو عاملنا الله بعيوبنا لكانت كارثة , فمن رحمته بنا مع علمه بما هو أخفي من عيبنا , فإنه يصاحبنا , يقول سهل بن عبد الله رضي الله عنه :
( إذا عمل العبد حسنة وقال : يارب بفضلك عملت وأنت أعنت وأنت سهلت , شكر الله ذلك له , وقال : يا عبدي بل أنت أطعت وأنت تقربت , وإذا نظر إلى نفسه وقال : أنا عملت وأنا أطعت وأنا تقربت , أعرض الله عنه وقال له : يا عبدي أنا وفقت وأنا أعنت وأنا سهلت .
وإذا عمل سيئة وقال : يارب أنت قدرت وأنت قضيت وأنت حكمت , غضب المولى جلت قدرته عليه وقال : يا عبدي بل أنت أسأت وأنت جهلت وأنت عصيت , وإذا قال : يا رب أنا ظلمت وأنا أسأت وأنا جهلت , أقبل المولى عليه وقال : يا عبدي أنا قضيت وأنا قدرت وقد غفرت وقد حلمت وقد سترت ) .
ولذلك إذا تولانا أعطانا , ورحمنا وأكرمنا بفضله , وفيضه , ونظر إلينا وذكرنا , وفي هذا رفع لعملنا وتمجيد له , ومن أهمله الله و تركه مع نفسه لا نهاية لقبائحه ونقائصه , وكما قيل :
( إذا كنت بربك تكمل عزك وإذا كنت بنفسك تكامل ذلك )
حتي أنه يصبح مشلولا منعزلا صامتا لا يستطيع أن يواجه الناس ويدعوهم إلى الله , والسبب في ذلك اعتمادهم على أنفسهم , وكما قيل :
( لما اعتمدوا على أنفسهم أصمتتهم هفواتهم وإساءاتهم )
( كيف تغير من عادات النفوس ؟ )
6 – عادات النفوس
بعض الناس يقولون : لي عادات قد تعودت عليها نفوسنا ولا نستطيع الفكاك منها , وقد ألفناها ومن الصعوبة أن نتحول عنها : والعادات قد تكون ظاهرية : كالأكل والشرب والنوم واللباس والاختلاط بالناس والكلام والمخاصمة والعتاب والغضب والاندفاع , ومنها المعنوية : كحب الرئاسة والجاه وحب الدنيا والمدح والكبر والرياء والطمع في الناس وخوف الفقر , وهم الرزق والقسوة والفظاظة .
فهل بالفعل لا يمكن التحرر من قيد هذه العادات ؟ وهل تظل النفوس محبوسة بأغلال هذه العادات ؟ أم أن النفوس يمكن أن تخرق هذه العادات رغم ألفتها وتستطيع أن تغيرها إلى عادات أفضل وألوفات أحسن ؟
قيل : ( بالرياضات القهرية تخرق العوائد الحسية ) أي بالجوع والسهر أو قل : بالصيام وقيام الليل , والخلوة والصمت أو قل : بالاعتكاف وبالسنن وبالنوافل .
مما كتبه أحد العارفين إلى بعض إخوانه : ( أما بعد فإن أردتم أن تكون أعمالكم زكية وأحوالكم مرضية فقللوا من العوائد فإنها تمنع الفوائد )
فإذا أردت جني الفوائد فخالف نفسك بمعني أن تخرق ما تعودت عليه النفوس من عادات ومألوفات بأن تجعلها كلها طاعات وعبادات وخدمات , وقيل لبعضهم : بم أدركت ما أدركت ؟ قال : ( وحدته بأفضل التوحيد , وخدمته خدمة العبيد , وأطعته فيما أمرني ونهاني فكلما سألته أعطاني ) , وصدقت حكمة ابن عطاء : ( من خرق العوائد ظهرت له الفوائد ) .
ومن عادات النفوس : حب الثناء والمدح , فهل يستكمل النقص في النفس بمدح المادحين ؟
المتأمل يتأكد له أن المدح لا يدفع نقصا ولا يعالجه ولا يستكمله !! ولذلك كانت القاعدة أمام المادحين ألا يلتفت الإنسان إلى أقوال الثناء بل يرجع إلى نفسه بالذم لما يعلمه منها وما يعلمه من أعمال خفية , فلكل إنسان خبيئة من نفسه , يقول تعالى : ( بل الإنسان على نفيه بصيرة ) هذا لو كان ما مدح به موجودا فيه , وإلا فيذمها بالنقص والتقصير , ولذلك قالوا :
- إذا مدحك الناس بشئ ليس موجودا فيك فارجع على نفسك بالذم
- لا يغرنك ثناء الناس على ظاهرك فأنت تعلم من نفسك اللب الباطن الذي لا يعلمه الناس
- يقال عند المدح : اللهم اجعلني خيرا مما يظنون , ولا تؤاخذني بما يقولون , واغفر لنا ما لا يعلمون , وذلك مصداقا لقول الله تعالي : ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) النجم 32 , أي تمدحوها وتشكروها , وتمنوا بأعمالكم , فهو أعلم بمن اتقى , كما قال الله تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا )
من أجل صحة الأعمال ليتقبلها الله تعالى , ثم يجعل الجزاء العميم عليها في الآخرة , تدوم مجاهدة النفوس , فلا يضع الصالحون في أذهانهم وهم يعملون إلا أمر الآخرة , يقول تعالي : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) السجدة 17 .
ومجاهدة النفوس تعني تحقيق شروط صحة الأعمال وهي :
أولا : أن يكون العمل صادقا
وذلك بتخطي العقبة الكئود , فما بعدها أيسر , ألا وهي النفس , يقول الله تعالي : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وبالانتصار على النفس تبدأ المجاهدة .
ثانيا : الجزاء الحقيقي قبول العمل
ثم يعمل الانسان لمحض العبودية , فأعظم الجزاء على الأعمال أن يتقبلها الله , فإلى جانب عيوب النفس التي لا تتناهى فإن الله تعالى يقبل منا العمل , يقول تعالى : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ) ولم يقل الله تعالى : ( نتقبل منهم ) أي بمعني نتجاوز عنهم فنتقبل أحسن ما عملوا على عيبها وآفاتها وعللها .
ثالثا : الايمان بأن الفضل من الله
فالكل فعله وعطاؤه تعالى : ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )
ويقول تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم علي بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا )
فكل الأمور تسير بفضله وجوده وكرمه , ولو عاملنا الله بعيوبنا لكانت كارثة , فمن رحمته بنا مع علمه بما هو أخفي من عيبنا , فإنه يصاحبنا , يقول سهل بن عبد الله رضي الله عنه :
( إذا عمل العبد حسنة وقال : يارب بفضلك عملت وأنت أعنت وأنت سهلت , شكر الله ذلك له , وقال : يا عبدي بل أنت أطعت وأنت تقربت , وإذا نظر إلى نفسه وقال : أنا عملت وأنا أطعت وأنا تقربت , أعرض الله عنه وقال له : يا عبدي أنا وفقت وأنا أعنت وأنا سهلت .
وإذا عمل سيئة وقال : يارب أنت قدرت وأنت قضيت وأنت حكمت , غضب المولى جلت قدرته عليه وقال : يا عبدي بل أنت أسأت وأنت جهلت وأنت عصيت , وإذا قال : يا رب أنا ظلمت وأنا أسأت وأنا جهلت , أقبل المولى عليه وقال : يا عبدي أنا قضيت وأنا قدرت وقد غفرت وقد حلمت وقد سترت ) .
ولذلك إذا تولانا أعطانا , ورحمنا وأكرمنا بفضله , وفيضه , ونظر إلينا وذكرنا , وفي هذا رفع لعملنا وتمجيد له , ومن أهمله الله و تركه مع نفسه لا نهاية لقبائحه ونقائصه , وكما قيل :
( إذا كنت بربك تكمل عزك وإذا كنت بنفسك تكامل ذلك )
حتي أنه يصبح مشلولا منعزلا صامتا لا يستطيع أن يواجه الناس ويدعوهم إلى الله , والسبب في ذلك اعتمادهم على أنفسهم , وكما قيل :
( لما اعتمدوا على أنفسهم أصمتتهم هفواتهم وإساءاتهم )
( كيف تغير من عادات النفوس ؟ )
6 – عادات النفوس
بعض الناس يقولون : لي عادات قد تعودت عليها نفوسنا ولا نستطيع الفكاك منها , وقد ألفناها ومن الصعوبة أن نتحول عنها : والعادات قد تكون ظاهرية : كالأكل والشرب والنوم واللباس والاختلاط بالناس والكلام والمخاصمة والعتاب والغضب والاندفاع , ومنها المعنوية : كحب الرئاسة والجاه وحب الدنيا والمدح والكبر والرياء والطمع في الناس وخوف الفقر , وهم الرزق والقسوة والفظاظة .
فهل بالفعل لا يمكن التحرر من قيد هذه العادات ؟ وهل تظل النفوس محبوسة بأغلال هذه العادات ؟ أم أن النفوس يمكن أن تخرق هذه العادات رغم ألفتها وتستطيع أن تغيرها إلى عادات أفضل وألوفات أحسن ؟
قيل : ( بالرياضات القهرية تخرق العوائد الحسية ) أي بالجوع والسهر أو قل : بالصيام وقيام الليل , والخلوة والصمت أو قل : بالاعتكاف وبالسنن وبالنوافل .
مما كتبه أحد العارفين إلى بعض إخوانه : ( أما بعد فإن أردتم أن تكون أعمالكم زكية وأحوالكم مرضية فقللوا من العوائد فإنها تمنع الفوائد )
فإذا أردت جني الفوائد فخالف نفسك بمعني أن تخرق ما تعودت عليه النفوس من عادات ومألوفات بأن تجعلها كلها طاعات وعبادات وخدمات , وقيل لبعضهم : بم أدركت ما أدركت ؟ قال : ( وحدته بأفضل التوحيد , وخدمته خدمة العبيد , وأطعته فيما أمرني ونهاني فكلما سألته أعطاني ) , وصدقت حكمة ابن عطاء : ( من خرق العوائد ظهرت له الفوائد ) .
ومن عادات النفوس : حب الثناء والمدح , فهل يستكمل النقص في النفس بمدح المادحين ؟
المتأمل يتأكد له أن المدح لا يدفع نقصا ولا يعالجه ولا يستكمله !! ولذلك كانت القاعدة أمام المادحين ألا يلتفت الإنسان إلى أقوال الثناء بل يرجع إلى نفسه بالذم لما يعلمه منها وما يعلمه من أعمال خفية , فلكل إنسان خبيئة من نفسه , يقول تعالى : ( بل الإنسان على نفيه بصيرة ) هذا لو كان ما مدح به موجودا فيه , وإلا فيذمها بالنقص والتقصير , ولذلك قالوا :
- إذا مدحك الناس بشئ ليس موجودا فيك فارجع على نفسك بالذم
- لا يغرنك ثناء الناس على ظاهرك فأنت تعلم من نفسك اللب الباطن الذي لا يعلمه الناس
- يقال عند المدح : اللهم اجعلني خيرا مما يظنون , ولا تؤاخذني بما يقولون , واغفر لنا ما لا يعلمون , وذلك مصداقا لقول الله تعالي : ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) النجم 32 , أي تمدحوها وتشكروها , وتمنوا بأعمالكم , فهو أعلم بمن اتقى , كما قال الله تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا )
ibn elkassem- عدد المساهمات : 114
تاريخ التسجيل : 25/02/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى